الدكتورة رشا غانم
ابتعدت المجتمعات العربية إلى حد كبير عن تعاليم الدين السامية التي كرمت المرأة وحفظت حقوقها وأصبحت تتبع العادات والتقاليد المتوارثة التي تحرم على المرأة كثيرا من الحقوق التي كرّمها بها الله، كما تأخذ من الغرب أسوأ العادات الغربية كاهتمام المرأة بمظهرها وحسنها وجمالها أكثر من عقلها ودورها في المجتمع . فتفني عمرها تهتم بجاذبيتها كأنثى ولا تهتم بإنسانيتها، وتهتم بالشكل ولا تهتم بالجوهر.ومن العجب أن ما توارث من الإرث الفلسفي عند كثير من الفلاسفة مثل أفلاطون وسقراط وأرسطو وفكرتهم المجحفة للمرأة كان أقوى من الفكر الديني كما أن الأفكار السيئة عن المرأة اكتسبت ثوبا دينيا كفكرة خطيئة آدم وخروجه من الجنة كان سببها حواء فهي رمز الغواية والفتنة فالأدوار التي أعطيت لها كان أغلبها شريرا.
عاشت المرأة منذ بدء الخليقة عدا العصر الفرعوني، مهضومة الحقوق “فلا ينبغي أن ننظر إلى قضيتها على أن الحكم قد صدر فيها مقدما عن طريق الواقع القائم، أو الرأي العام السائد بل لا بد من فتحه للنقاش على أساس أنها مسألة عدالة”
فالمرأة على مر التاريخ كائن حي كتب عليه أن يستعبد من جراء عادات وتقاليد بالية فوجدت المرأة نفسها في حالة عبودية الرجل وذلك لانحراف فهمه عن قواعد الدين وقيمه الحقيقية التي حددت بوضوح وظيفة كل من الرجل والمرأة معا
عندما حلّت أوضاع الضعف والتخلف في شرايين العالم العربي والإسلامي منذ القرن السادس عشر الميلادي، كانت المرأة أكثر تضررا وأشد تخلفا بسبب حرمانها من التعليم، ووضعها على هامش الحياة العامة فانتشر الجهل وحصر وظيفتها في الإنجاب والتربية والطهي ولا تعتبر هذه الوظائف تقليدية للمرأة أو قليلة الشأن ولكن نشير هنا إلى تمكين المرأة علميا ومهنيا وعدم حرمانها من توعيتها وتثقيفها حتى تقوم بالعمل المنوط لها سواء بالبيت أو خارجه ؛لأن إهمال جانب من الجوانب سيؤدي إلى شل وظيفتها التربوية وإلى تدهور الأسرة والمجتمع، أما عندما تشعر بقيمة نفسها واحترام ذاتها ستثمر جهودها البناءة لمجتمعها.
وبقدر ما أعطي للرجال من حقوق إنسانية وسياسية وفي مجال الحرية والمساواة وفي حق المواطنة للوطن وبمعزل عن الانتماءات الدينية والقومية والعرقية، كذلك أعطت للمرأة حقوقاً مساوية للرجل في كافة المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، كفلها لها الدين مثل الرجل تماما، على الرغم من كل ذلك تعيش المرأة في حاضرها أزمة انعدام الأخلاق كإهانتها من قبل الأب والأخ والزوج، وسلب حقوقها، وعدم الاهتمام بتغذية عقلها وفكرها، فنجد بعض النساء يتنازلن طواعية وبإرادتهن عن حقوقهن التي كفلت لهن، وبسقوط المراة تسقط الأسرة ويتراجع الجوهر الإنساني المشترك، ويصبح كل البشر أفرادا طبيعيين لكل منهم مصلحته الخاصة التي تصطدم وتتصارع مع مصالح الآخرين. وعندما زادت التوعية من قبل الهيئات المنوطة للدفاع عن حقوق المرأة تقدم كثيرات من النساء تطالبن بحقوقهن في الاشتراك في الانتخابات البرلمانية، وأن يكون لهن حق الاقتراع أو التصويت ونجحن في تحقيق تلك المطالب وغيرها بفضل مثابراتهن وحرصهن على إعلاء قيم مجتمعهن.
فيا كل امرأة في وطني، أنت لست نصف المجتمع كما وصفوك فأنت الكون كله… فبإبداعك وثقافتك وفكرك وجهدك وصبرك وجمال روحك أعطيت الحياة طعمها ووجودها وسر خلودها وديمومتها.