التفاصيل

بعد عشر سنوات سنجار تتأرجح بين إرهابين

بعد عشر سنوات سنجار تتأرجح بين إرهابين

كفاح محمود

  تمرُ اليوم عشر سنوات على واحدة من اكثر مآسي وكوارث الحروب التي تعرضت لها مدينة سنجار ونواحيها في الثالث من آب 2014م، حينما غزتها ما يسمى بـ (تنظيم الدولة الإسلامية-داعش-) المنظمة الإرهابية الأكثر همجية في التاريخ المعاصر، بعد أن اجتاحت محافظة نينوى بأكملها واستولت على ما قيمته عشرات المليارات من احدث الأسلحة الأمريكية، ونجحت في ضرب طوق خانق على مدينة سنجار (120 كم شمال غرب الموصل) باستثناء ممر جبلي ضيق عجزت عن الوصول اليه، وكان هو الممر المنقذ لمئات الآلاف من مواطني تلك المدينة الذين لاذوا بقمم ووديان وكهوف جبل سنجار المتاخم للحدود السورية التي يهيمن عليها ذراع من اذرع (حزب العمال الكوردستاني) الذي ساعد على تأمين ممر الى داخل الأراضي السورية ومنها بمحاذاة الحدود الدولية وصولا الى محافظة دهوك.

مذابح همجية

   ورغم الصمود الباسل للأهالي في جنوب المدينة الا ان (داعش) المجهزة بما غنمته من احدث واقوى الأسلحة الأمريكية اقتحمت سنجار ودفاعاتها بمذابح همجية لم يشهد التاريخ المعاصر شبيه لها، حيث قتل الألاف من الرجال وتم سبي أكثر من ثلاثة الاف وخمسمائة امرأة ناهيك عن استعباد الاف مؤلفة من الأطفال والصبية مع امهاتهم التي اعتبرن جواري وخادمات أقاموا لهم اسواقا للنخاسة في مراكز المدن التي احتلوها، ناهيك عن تدمير المدينة برمتها بمساجدها وكنائسها ومزاراتها واضرحتها، ولم تنجو حتى منارتها الأثرية التاريخية التي تعود للحقبة الأتابكية.

   حينما نقرأ البانوراما الرقمية لمأساة سنجار ونرى ما حصل فيها من خراب ودمار وإيقاف لمظاهر الحياة، ونستمع قصص الاهالي والناجين او الناجيات المحررات، نستذكر كوارث انسانية مماثلة سبقتها في كوردستان وجرائم الأنفال التي استهدفت مئات الآلاف من المواطنين الكورد (الفيليين والبارزانيين) والكلدان والآشوريين، وتدمير اكثر من خمسة الاف قرية بمزارعها ومعابدها وينابيعها وتغييب 182 الف من سكانها في صحراوات العراق، ناهيك عن ضحايا القصف الكيماوي لمدينة حلبجة والعديد من البلدات والقرى، هذه الماسي ترتبط بسلسلة أخرى من مأسي البشرية على ايدي مجرمي الحروب من العنصريين والفاشيين والمتطرفين الدينيين، ولعل ابرز شواهدها ما رأيناه في البوسنة والهرسك وما حصل في سراييفو بيوغسلافيا القديمة، وفي التاريخ الابعد قليلا مذبحة الأرمن سيئة الصيت في تركيا، وما حصل لليهود على ايدي النازية وكارثتي ناكازاكي وهيروشيما في اليابان، ناهيك عن حرب الابادة في رواندا وفيتنام وكمبوديا، هذه الكوارث والماسي لم تكن مجرد معركة أو صراعا بين الأطراف، بقدر ما كانت اعتداء على الجنس البشري عموما، حيث استهدفوا قيم إنسانية وأخلاقية عليا، استدعت اهتمام العالم بأسره باعتبار ما فعلوه جريمة بحق البشرية جمعاء وليس بحق الكورد أو الأرمن أو اليابانيين لوحدهم.

   واليوم وفي الثالث من آب عام 2014م وبعد عشرات السنين من تلك الجرائم التي إدانتها البشرية المتمدنة، تظهر للوجود مجاميع من الفاشيين العنصريين الكافرين بكل أخلاقيات المدنية والحضارة الآدمية، لكي ينافسوا مجرمي التاريخ بأفعالهم ويستبيحوا مدنا وبلدات وقرى لواحدة من أقدم الديانات المسالمة، أولئك هم الايزيديون الذين تعرضوا عبر تاريخهم الى اكثر من سبعين حرب إبادة اطلقوا عليها (فرمانات الإيزيدية) التي استهدفت وجودهم وإبادتهم أو الغاء هويتهم وديانتهم، وما حصل في شنكال أو سنجار وبعشيقة وبحزاني والقرى الايزيدية والمسيحية والكاكائية، لم يك معركة أو غزوة محلية أو إبادة بشرية فقط، بل كانت جريمة بحق الآدمية ومبادئ وقيم وأخلاق الإنسان وحضارته، ومحاولة لنسف كل انجازات البشرية لمئات السنين من التحضر والتقدم.   في حقيقة الأمر لم تكن العملية مجرد عملية عسكرية لاحتلال مدينة أو منطقة، أو إسقاط حزب معين، بل كانت عملية منظمة ومخطط لها عبر سنوات من اجل إبادة مكون ديني بذاته، حيث استخدمت أكثر العناصر شوفينية وفاشية لتنفيذ المهمة في كل بلدات وقرى قضاء سنجار، وهذا ما حصل فعلا حيث تعرض المكون الديني الإيزيدي إلى الإبادة الجماعية الوحشية سواء بالقتل أو السبي او الاستعباد، وقد أرغَمت وحشية المهاجمين وهمجيتهم غالبية السكان على الهروب الى الجبل في ظروف جوية قاهرة أدت الى موت عشرات الأطفال والنساء والشيوخ، بينما سقط بيد المنظمة الإرهابية الاف أخرى من الأطفال والنساء وكبار السن، وتمت تصفية الاف الشباب والرجال الذين رفضوا ترك ديانتهم.   وللأسف وبعد تحريرها من قبل البيشمركة نهاية عام 2015 ومرور عشر سنوات من الكارثة تبدو سنجار اليوم وكأنها قد خرجت للتو من مأساتها، فما يزال أكثر من ربع مليون من مواطنيها يسكنون مخيمات النازحين في دهوك واربيل، بعد أن استباحتها عدة الاف من المرتزقة القادمين من دول اجنبية بالتعاون مع ميليشيات محلية إثر احداث 16 أكتوبر في كركوك عام 2017 والتي أدت الى سقوط معظم المناطق الكوردستانية خارج الإقليم تحت سيطرة تلك الميليشيات التي تحول دون تطبيق اتفاق حكومتي كوردستان والعراق الاتحادية على اخراج كل هذه المجموعات المسلحة وإعادة مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية، الا ان القوى المهيمنة في بغداد ودعم دول إقليمية تحول دون تنفيذ تلك الاتفاقية.

   إنها مأساة تتجذر يوما بعد آخر وما يؤكد ذلك هو هذه الاحصائيات التي أصدرها مكتب انقاذ المختطفين الإيزيديين والمعتمدة لدى الأمم المتحدة وهي أحدث تحديث رقمي لخلاصة الجرائم التي اقترفتها منظمة (داعش) بحق الايزيديين منذ الثالث من آب 2014م وحتى يومنا هذا:

احصائيات رسمية

عدد الإيزيديين عشية العدوان في العراق نحو 550,000 نسمة.

عدد المختطفين الكلي 6417 منهم 3548 من الإناث ومن الذكور 2869

عدد النازحين الايزيديين في مخيمات كوردستان 135860 نسمة

عدد النازحين المتواجدين في مناطق متفرقة في الإقليم يبلغ 189337 نسمة

عدد الذين قتلوا الى الان أكثر من 5000 نسمة

عدد الايتام بسبب العدوان 2745 يتيم

عدد المقابر التي اكتشفت 83 مقبرة جماعية وهناك العشرات من المقابر الغير مكتشفة

عدد الناجين من المقابر الجماعية 29 شخص

عدد الناجين والناجيات من قبضة الإرهابيين: 3576 منهم 1208 اناث ومن الذكور 339

عدد الأطفال الذكور الناجين 959 ومن الاناث 1070

عدد المزارات والمراقد المدمرة 68

عدد الذين هاجروا الى خارج العراق بعد العدوان 120000 نسمة

عدد المختطفين الذين استشهدوا بأيدي داعش الارهابي وتم العثور على جثثهم في المقابر الجماعية 242

عدد الاناث في الأسر 1235

عدد الذكور في الأسر 1366

ملاحظة: هذه الإحصائيات من مكتب انقاذ المختطفين الإيزيديين ومعتمدة لدى الأمم المتحدة وهي لا تشمل الخسائر المادية في الاملاك والاراضي والثروة الحيوانية والزراعية والسيارات والمعامل ….. الخ.

Facebook
Twitter