باسم فرات
فيديو ملحق لقصيدة شعرية ــ وصية
قال الشاعر العراقي باسم فرات، تعليقا على منع كتاب “عبادة الأحجار عند الساميين وأصل الحجر الأسود” عن المشاركة بمعرض العراقي الدولي للكتاب الذي انتهت فعالياته قبل أيام، أن عيش المجتمعات تحت ثقافة المنع لعقود عديدة ليس بالإمكان أن يتغير بسرعة البرق.
و تابع الشاعر العراقي في تصريحات لــ”الدستور”،:”حذف ثقافة الإقصاء والمنع من وعينا يحتاج لعقود وربما لعدة أجيال. عبادة الفرد التي كانت سائدة على امتداد ربع قَرن أو أكثر في العراق، جعلت الناس تخاف من أقرب المقربين بل زرعت شرطيًّا في داخلها وكبر الشرطي وترعرع حتى اشتد عوده وامتدت جذوره في لا وعي المجتمع، ولا شكّ أن كثيرًا من ضحايا ثقافة المنع في الأمس هم الآن يمارسون هذه الثقافة بما يعدونه حفاظًا على الصالح العام، فكل فرد في المجتمع الذي وقع ضحية طاغية متعجرف لسنوات طويلة، يستنسخ في سلوكه وتفكيره ما تربّى عليه، ولا فرق بين مَن يرى أن منع الكتب الدينية حماية للمجتمع وبين مَن يرى في منع كتب الإلحاد أو الكتب التي تناقش العقائد وتتقصى جذورها التاريخية وتصل بها حتى لحظات طفولة الإنسانية حماية للمجتمع أيضًا، هي ثقافة واحدة مبنية على منع ما يتعارض وتوجهات المجتمع الذي تربى على ثقافة أحادية تقصي الآخر المختلف عبر منع الكتب واستخدام العنف الجسدي ضد مَن تراهم يشكلون خطرًا على المجتمع من وجهة نظرها”.
و أضاف “فرات”:” ثقافة المنع منتشرة في مجتمعنا، فكل شخص يمس ما تربينا عليه، يوضع في قائمة المنع، حتى لو كان المنع نفسيًّا، ومنع كتاب يتناول مسألة عقائدية تمس الغالبية العظمى من المجتمع، ربما أهون من قيام مثقف بترديد سرديات لا تستند على أساس علمي وبراهين وأدلة، وليس هذا تبريرًا للمنع، بل للإشارة إلى ما هو أمرّ وأدهى، من أمراض تعاني منها ثقافتنا، بسبب تسلط ثقافة المنع التي نتغذى عليها منذ الطفولة، وعلى امتداد سنوات الدراسة والعمل، والحقيقة المرة أن مقولة “اختلاف الرأي لا يُفسد للود قضية” نلوكها ولا نعمل بها، بل ما نعمل به “أن اختلاف الرأي يُفسد للودّ قضية”.
وأشار إلى أن:”منع كتابًا في العصر الذهبي لثورة المعلومات، حيث سيتحول الكتاب خلال أيام إلى ملف “بي دي أف” متاح على الشبكة المعلوماتية، وسيرتفع عدد تحميله وقراءته وتصل إلى أرقام لم يكن يحلم بها المؤلف ولا الناشر، وبدلًا من أن يبقى تداول الكتاب بين المهتمين جدًّا، يمنح المنع الكتاب فرصة ذهبية لذوي الفضول، والقاعدة الذهبية كل ممنوع مرغوب ستسري عليه وسيبحث عنه لقراءته حتى الذين تَكاد تكون اهتماماتهم بالقراءة ضعيفة أو شبه منقطعة، منع أي كتاب فرصة كبيرة ليحقق انتشارًا جماهيريًّا.
ولفت إلى أن هناك من الكُتّاب مَن افتعلها ونجح فيها، حتى اختلط الحابل بالنابل، فلم يعد معروفًا أن منع كتاب ما حقيقة أم فقاعة أطلقها الناشر – أي ناشر – أو المؤلف – أي مؤلف – وما كان هذا الخلط ليحدث لولا ثقافة المنع التي واجبنا الأخلاقي يحتم علينا أن نحللها ونفككها ونوضح خطورتها على عقلية المجتمع والأمة
الشاعر// باسم فرات
الإثنين الموافق 21 ديسمبر2020
الساعة السادسة مساء وزارة الثقافة
قصيدة شعرية // وصية