التفاصيل

قائمة السفراء المرشحون وقرارات محكمة التمييز ومدى خطورة النتائج المترتبة عليهما

قال تعالى ( ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) آل عمران 104أصدرت محكمة التمييز الاتحادية في الأونة الأخيرة ،مجموعة من القرارات ،قضت من خلالها بعدم شمول بعض المرشحين لقائمة السفراء المعدة من قبل وزارة الخارجية بقانون المساءلة والعدالة ،وسمحت تلك القرارات بترشح البعض منهم لدرجة ( سفير ) بالرغم من إقرارهم بانتماءاتهم البعثية وثبوت عضويتهم لحزب البعث المنحل ،وثبوت إنتسابهم ودفاعهم عن رؤى وأهداف الحزب الصدامي بقرارات صادرة عن هيئة المساءلة والعدالة .

ومنها القرار ذي العدد ٢٤٧/تمييزية مساءلة وعدالة / 2024 بتاريخ 4/9/2024 .والأخطر من هذا وذاك ، تم ترشحهم عن أحزاب مهمة في الدولة ،بل أحزاب تتولى إدارة الدولة العراقية ،من دون الانتباه لخطورة الترشح والآثار المترتبة عليه ، وهو في الحقيقة سوف يمهد لعودة حزب البعث المنحل للمفاصل الحساسة والمهمة في الدولة العراقية خاصة وان البعض منهم مازالوا يتبنون افكار البعث ويدافعون عنه أمام المحافل الدولية.


والواقع من الأمر ، أن محكمة التمييز لم تكن دقيقة في قراراتها الأخيرة ،بشأن ترشح المشمولين بقانون المساءلة والعدالة، بل اقدمت على خطوة جريئة فتحت الباب على مصراعيه لعودة حزب البعث الصدامي المنحل لمناصب حساسة ومهمة في البلد .ويمكننا تسجيل أهم الملاحظات القانونية على قرارات محكمة التمييز بشأن المرشحون لدرجة ( سفير ) وهي التالي :-


١- قرار محكمة التمييز الأتحادية يسمح لإعضاء حزب البعث بتبوء منصب (سفير ) ، وفي هذا مخالفة صريحة لقانون هيئة المساءلة والعدالة والذي يسري على جميع الوزارات بدون استثناء ،ومنها وزارة الخارجية ، حيث تنص المادة ( ٦/ثامناً) من قانون هيئة المساءلة والعدالة على الآتي :- ( يمنع عضو حزب البعث من إشغال وظائف الدرجات الخاصة مدير عام أو مايعادله فما فوق ومدراء الوحدات الإدارية ).


٢- ماورد في قرار المحكمة ،من إن درجة سفير ،هي إحدى درجات السلك الدبلوماسي ، لا تعبر عن فهم واضح لهذه الدرجة الدبلوماسية ( سفير ) . 

أوضحت المادة ٣/أولا من قانون الخدمة الخارجية ،بأن عنوان سفير هو بدرجة ( وكيل وزارة ). أي أن هذا العنوان يقع ضمن الدرجات العليا الخاصة ،بمعنى أنه درجة خاصة تعلو على درجة ( مدير عام ) . 

ويتضح ذلك بشكل خاص من خلال آلية تعيين السفير الواردة في المادة ٩/ أولاً من قانون الخدمة الخارجية التي تنص على إن ( يعين السفير بمرسوم جمهوري بناء على ترشيح الوزير وتوصية مجلس الوزراء وموافقة مجلس النواب ) . وهذه الآلية القانونية تؤكد أهمية درجة( السفير ) وخصوصية الحصول عليها .


٣- من جانبٍ آخر فأن نص المادة ٦/ثامناً من قانون هيئة المساءلة والعدالة يؤكد بأنه ( يمنع عضو حزب البعث من إشغال وظائف الدرجات الخاصة ) . وهذا النص صريح في عدم إمكانية إسناد منصب ( السفير)  الى من هو بدرجة عضو أو أعلى في حزب البعث الصدامي .

ويبدو أن محكمة التمييز لم تنتبه الى هذا النص الذي يكرس المنع بصرف النظر عن تحقق الإثراء من عدمه .لذا نجد ان قرارات محكمة التمييز في هذا الشأن حسب تصورنا قد جاءت مخالفة لإحكام قانون المساءلة والعدالة وقانون الخدمة الخارجية كماهو موضح أعلاه .ويمكننا ان نضيف على قائمة السفراء الملاحظات التالية :-


١- المخالفة الصريحة والواضحة لنص المادة (٩/ثالثاً )من قانون الخدمة الخارجية العراقي رقم ٤٥ لسنة ٢٠٠٨ .

٢- إن القائمة شملت ممثلين للأحزاب السياسية وبنسبة ٩٥٪؜ وهذا يخالف القانون الذي أكد على ضرورة عدم تجاوز النسبة عن ٢٥٪؜.

٣- خلو القائمة من شخصيات دبلوماسية مستقلة مرشحة من قبل الوزارة ، والذين ينبغي أن يمثلوا الأكثرية بنسبة ٧٥٪؜ من المرشحين .

٤- البعض من المرشحين سبق ان أثيرت بشأنهم ملفات وقضايا فساد مالي وأداري في هيئة النزاهة .


٥- البعض من المرشحين في القائمة ، كانوا ممن عملوا في الأجهزة الأمنية وقت النظام البائد ، وهذه مسألة في غاية الخطورة ،يرجى الإنتباه لها .


٦- شمول البعض منهم بقانون المساءلة والعدالة .


من كل ماتقدم ،نوصي مجلس النواب العراقي وقادة الأحزاب السياسية ومجلس الوزراء والجهات المسؤولة وكل الشرفاء ألمعنيين بهذا الملف ، بالعمل على وقف قائمة السفراء المرشحون، وإعادة النظر فيها ، بإختيار شخصيات مهمة،تتمتع بالكفاءة،النزاهة، الوطنية ،لهم سير ذاتية مشرفة ،حسني السيرة والسلوك ، ممن تولوا العمل بوزارة الخارجية بعد عام ٢٠٠٣، لإنهم حقيقةً من يعبروا عن نهج وأفكار ومبادئ العراق الجديد عراق مابعد ٢٠٠٣ .


الأكاديمية والخبيرة القانونية  د. راقية الخزعلي

Facebook
Twitter