تتعدد السيناريوهات المطروحة لتشكيل الحكومة المقبلة في إقليم كردستان العراق عقب الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 20 نوفمبر تشرين الثاني 2024، مما يضع الأحزاب الفائزة أمام تحديات كبيرة.
فبعد أن فقد الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، الغالبية التي كان يتمتع بها سابقا رغم حصوله على 39 مقعدا، وصعود نجم حراك الجيل الجديد بـ15 مقعدا، بات تشكيل الحكومة يتطلب توافقات دقيقة على النفوذ والمناصب.
وفي هذا الإطار، عقد الوفد التفاوضي للحزب الديمقراطي، اليوم الثلاثاء، اجتماعا ثالثا مع نظيره الاتحاد الوطني في مدينة أربيل.
وطبقاً للنظام الداخلي لبرلمان الإقليم، يتعين على رئيس الإقليم دعوة البرلمان المنتخب إلى عقد جلسته الأولى خلال 10 أيام من المصادقة على نتائج الانتخابات، وإذا لم يدعُ الرئيس إلى عقد الجلسة الأولى يحق للبرلمانيين عقدها في اليوم الحادي عشر للمصادقة على النتائج، فيما يترأس العضو الأكبر سناً جلسات البرلمان قبل انتخاب الرئيس الدائم بعد تأدية القسم الدستوري.
وقال مراسل “العالم الجديد”، إنه “وصل، قبل قليل، وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني الى مقر المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، لعقد الاجتماع الثالث بين الطرفين في أربيل”.
وأضاف أنه “يتكوّن وفد الديمقراطي الكردستاني الذي يترأسه عضو المكتب السياسي للحزب بيشتوان صادق، كل من دلشاد شهاب وأوميد صباح، بينما يتكوّن وفد الاتحاد الوطني الذي يترأسه عضوة المكتب السياسي ريواس فايق، كل من شالاو كوسرت رسول وآمانج رحيم”.
وأوضح أن “الاجتماع سيتضمن مناقشة التقارير التي تم اعدادها من الجانبين بشأن رؤى تشكيل الحكومة الجديدة للإقليم”.
ويأتي اجتماع الحزبين الحاكمين بالتزامن مع زيارة رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، إلى انقرة للقاء الرئيس التركي رجب أردوغان والتباحث معه في عدد من الملفات المهمة.
وكان القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني محمود خوشناو أكد في 3 يناير كانون الثاني الجاري، أن الخلاف الأساسي بين القوى الكردية يدور حول منهجية الحكم وآلية تشكيل الحكومة والشراكة السياسية، مبينا أن أحد أهم أسباب تأخر تشكيل الحكومة هو عدم توصل القوى السياسية الفاعلة في برلمان الإقليم إلى اتفاق سياسي مشترك يؤدي إلى تكوين أغلبية برلمانية تسمح بانتخاب هيئة رئاسة البرلمان ورئيس الإقليم وتشكيل الحكومة.
وكان وفدٌ من الحزبين عقدا في الـ 19 ديسمبر كانون الأول 2024، اجتماعاً في مقر المكتب السياسي للديمقراطي الكردستاني بمصيف صلاح الدين، هو الثاني لإعداد برنامجٍ لتشكيل الحكومة العاشرة، حيث اتفق الجانبين في حينها على تشكيل لجنة لإعداد تقارير حول آلية عمل الحكومة الجديدة والرؤى المستقبلية ومطالب كل حزب.
وشهد البرلمان بدورته السادسة انعقاد جلسته الأولى في مطلع كانون الأول ديسمبر 2024، والتي تضمنت تأدية اليمين القانونية لأعضائه، وإبقاء الجلسة مفتوحة بسبب عدم حسم المناصب الرئيسة في الإقليم.
وبحسب سياسيين، فإن واقع هذا الصراع بين الحزبين التقليديين “الديمقراطي” بزعامة مسعود بارزاني و”الاتحاد الوطني” بزعامة بافل طالباني يفتح الباب أمام تساؤلات حول الخيارات المتاحة في تجاوز سقف الشروط المتبادلة، واستقطاب قوى من ساحة المعارضة التي يفرض بعضها شروطاً تعجيزية، وآخر اتخذ قراراً قطعياً بعدم المشاركة في أية حكومة يشكلها الحزبان في ظل عقبات قانونية تفرض سقوفاً زمنية في حال إبقاء جلسة البرلمان مفتوحة لحين إبرام اتفاق سياسي.
ويقف سقف المطالب المرتفع لدى كل منهما عائقاً في طريق تشكيل حكومة شراكة، فكلاهما يخوض سباقاً لاستقطاب باقي القوى الفائزة وفي مقدمهما حراك “الجيل الجديد” ويحوز 15 مقعداً، يليه “الاتحاد الإسلامي” بسبعة مقاعد ثم حزب “الموقف الوطني” بأربعة مقاعد، و”جماعة العدل” بثلاثة مقاعد، ومقعدان لحزب “جبهة الشعب”، ومقعد لكل من حركة “التغيير” و”الحزب الاشتراكي”.
ويشترط حزب بارزاني في تشكيل الحكومة الجديدة أن تكون وفق معيار “الاستحقاق الانتخابي” مع أهمية أن تكون “مؤسسات الإقليم موحدة”، في إشارة إلى الفجوة القائمة بين ادارته في أربيل مع نظيرتها في السليمانية بقيادة حزب طالباني، في حين يرفع الأخير شعار “تصحيح مسار الحكم” بهدف ما يعتبره إنهاء حال احتكار القرار من قبل الديمقراطي.
وبعد تأجيل دام أكثر من عامين، شهد الإقليم إجراء انتخابات برلمانية، غير أن نتائج هذه الانتخابات كشفت عن مشهد سياسي معقد، إذ لم يتمكن أي من الحزبين التقليديين، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، من تحقيق الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة منفردة، ووضع هذا الأمر الحزبين أمام تحد جديد، إذ يجب عليهما التفاوض والتحالف مع قوى سياسية أخرى لتشكيل الحكومة المقبلة.
وسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني على منصبي رئاسة الإقليم والحكومة، حيث ترأس نيجيرفان بارزاني رئاسة إقليم كردستان، وابن عمه وصهره مسرور بارزاني، منصب رئاسة حكومة الإقليم، فيما حصل الاتحاد الوطني في الدورة الأخيرة على منصب رئاسة البرلمان.
وكان السياسي الكردي المستقل لطيف الشيخ، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “تشكيل حكومة الإقليم سيطول، ففي كل مرة، كان اللاعب والمؤثر الإقليمي والدولي يتدخل بصورة كبيرة، وينجح في تقريب وجهات النظر، لكن تركيا وإيران هذه المرة، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية، منشغلة بالأزمة السورية وتطوراتها، لذا فإن موضوع تسمية المناصب، وتشكيل حكومة الإقليم سيطول، وقد نحتاج إلى أكثر من 6 أشهر”.
وتتجه أنظار بغداد إلى التطورات السياسية في إقليم كردستان، حيث يسعى السوداني إلى تعزيز العلاقات مع الأحزاب المؤثرة في الإقليم، ولعب دور الوساطة لحل القضايا العالقة بين الأطراف المختلفة.