بعد أن أعلنت القوى السنية الفائزة بالانتخابات، تشكيل إطار سياسي لمناقشة “الاستحقاقات المقبلة”، تحت اسم “المجلس السياسي الوطني”، وهو ما يقابل الإطار التنسيقي الذي يضم أبرز قوى السلطة الشيعية، جرى طرح العديد من التكهنات والتفسيرات لشكل هذا المجلس، وكيف سيستمر، خاصة في ظل المرحلة المقبلة التي تشهد “تقاسم المناصب” بين القوى المتنافسة، وأبرزها منصب رئيس مجلس النواب في دورته السادسة.
المجلس السياسي الذي يضم “القوى السنية” سيكون لأربع سنوات لحسم استحقاقات الكابينة الوزارية لكل حزب عبر آلية النقاط والعدد بمقاعد مجلس النواب
ويضم “المجلس السياسي الوطني”، حزب “تقدم” برئاسة محمد الحلبوسي، و”عزم” برئاسة مثنى السامرائي، وتحالف “السيادة” برئاسة خميس الخنجر، فضلاً إلى عن تحالف “حسم”، برئاسة ثابت العباسي، وحزب “الجماهير الوطنية”، برئاسة أحمد الجبوري “أبو مازن”.
ويشكك كثيرون في قدرة المجلس على الاستمرار، باعتبار أن تحالفات واتفاقات عديدة حدثت في انتخابات سابقة، لكنها لن تستمر، خاصة وإن الصراع بين القوى التي تمثل المناطق ذات الأغلبية السنية، يشتد مع النقاش حول منصب رئيس البرلمان.
“تقدم”: رئاسة البرلمان لصاحب المقاعد أكثر
ويقول القيادي في حزب “تقدم”، سعود المشهداني، إن “قادة المكون السني، وبعد تجربة الدورات البرلمانية السابقة أيقنوا أن التنافر والتباعد فيما بينهم، أدى لتعطيل استحقاقات المكون وخسارة الكثير من المناصب، ولذلك جرت خطوة جديدة بتأسيس المجلس السياسي الوطني”.
وأضاف لـ”ألترا عراق”، أن “المجلس هو سيكون لأربع سنوات ويمثل الشراكة الحقيقية داخل المكون وحسم استحقاقات الكابينة الوزارية عبر آلية النقاط والعدد بمقاعد مجلس النواب”.
وأكد أنّ “رئاسة البرلمان سيتم فيها مراعاة أكثر حزب يمتلك المقاعد والنقاط لتكون استحقاقه”، مبينًا أنّ “المجلس سوف ينظر في القضايا الاستراتيتيجة المهمة للمكون السني، لما سيمثله هذا التجمع من قوة تقابل التجمعات الأخرى في المكونات الشيعية والكردية”.
وأضاف أن “المكون السني يتأمل ويعقد العزم على هذه الخطوة التي لم تحصل في الدورات النيابية والسنوات الماضية كي تحقق التطلعات في المدن المحررة من ملف النزوح والمغيبين وتعويضات المناطق المهدمة”.
وأعلن المشهداني “مضي المجلس لحسم (وثيقة بغداد) التي جرى النقاش حولها سابقًا مع القوى السياسية وحل جميع الإشكاليات التي تخص المكون السني”.
والأحزاب التي تمثل المناطق ذات الغالبية “السنية” في العراق، حصلت على 77 مقعدًا من أصل 329، وتصدر حزب “تقدم” والقوائم الرديفة برئاسة محمد الحلبوسي المركز الأول بين القوى السياسية السنية بحصوله على 33 مقعدًا، فيما حصل تحالف العزم على 17 مقعدًا واحتل المركز الثاني بين القوى السنية، بينما حصل تحالف “السيادة” على 11 مقعدًا، وتحالف “الحسم” برئاسة وزير الدفاع الحالي ثابت العباسي على 8 مقاعد، وحزب “الجماهير الوطنية” برئاسة أحمد الجبوري “أبو مازن” على 3 مقاعد.
“عزم”: منصب رئيس البرلمان ليس حكرًا لشخص
وفي الأثناء، قال القيادي في تحالف “عزم”، عزام الحمداني، إن “القوى السنية تبحث مسالة اختيار منصب رئاسة البرلمان”، مؤكدًا أن “منصب رئاسة البرلمان استحقاق مكون سني وليس حكرًا لشخص أو حزب”.
ورأى الحمداني في حديث لـ”ألترا عراق”، إن “اعتماد عامل التوافق والشراكة أساس بناء قرار سني موحد سواء على مستوى منصب رئاسة البرلمان، وكذلك باقي المناصب الأخرى”.
وقال إن “كل المناصب للمكون السني سوف تحسم بالشراكة والحوار المتبادل بين القوى السنية داخل المجلس الوطني السياسي”.
“السيادة”: لا يوجد فيتو على مرشح لرئاسة البرلمان.. والمرشح من “تقدم”
ويعتقد القيادي في تحالف السيادة، فهد الراشد، أن “اجتماع القوى السنية الفائزة في الانتخابات يُعد خطوة مهمة نحو توحيد الرؤية وحماية حقوق جمهورها داخل البرلمان والحكومة المقبلة”.
وقال لـ”ألترا عراق”، إن “توحد القوى السنية في منزل خميس الخنجر شهد ترطيبًا للأجواء بين الجميع وتغليب المصالح السياسية ونبذ الخلافات”، مبينًا أن “تشتت البيت السني وغياب وحدة القرار، أدت إلى تبدد ثلث الاستحقاقات والتمثيل في مختلف مستويات الدولة، ما يتطلب إعادة ترتيب الصفوف”.
قيادي في تقدم لـ”ألترا عراق”: رئاسة البرلمان سيتم فيها مراعاة أكثر حزب يمتلك المقاعد والنقاط لتكون استحقاقه
وعبر الراشد عن أمله في أن “يثمر هذا التوافق في البيت السني عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الورقة السياسية التي وضعتها الحكومة الحالية، خصوصًا ما يتعلق بملف الإعمار، وإنهاء معاناة المفقودين والمغيبين، وتحقيق التوازن داخل مؤسسات الدولة، وكذلك تعزيز دور السلطة التشريعية واستعادة مكانتها”.
وأكد الراشد أنّ “تحالف السيادة ليس لديه أي فيتو على أي مرشح يتم الاتفاق عليه لتولي رئاسة البرلمان أو أي منصب سواء كان محمد الحلبوسي أو أي شخصية أخرى”.
وبالنسبة للراشد، فإن “توزيع المناصب ضمن الاستحقاق السني سيكون عبر النقاط والأوزان الانتخابية وحزب تقدم هو الأكثر بعدد مقاعده سنيًا، وبالتالي سيتم التفاوض حول الوزارات السيادية كالدفاع والمالية والتخطيط التي تحتاج إلى نقاط أكثر من الوزارات الاعتيادية”، مؤكدًا أنّ “القرار النهائي لحسم رئاسة البرلمان يعتمد على جملة من المعايير والمناقشات داخل البيت السني ونعتقد أن مرشحها سيبقى لحزب تقدم”.
وحول إمكانية خسارة حزب تقدم لرئاسة البرلمان، رأى الراشد أنها “لن تخرج إلا بحالة وضع الإطار التنسيقي لفيتو على مرشحيه كما فعلها سابقًا على شعلان الكريم وحصلت خلافات حوله استمرت لسنة كاملة”، مبينًا أن “الجميع في المجلس السياسي السني، عازمون على التعاون والتفاهم حول الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة”.
مشعان الجبوري: الحلبوسي لن يصبح رئيسًا للبرلمان
وفي المقابل، يرفض السياسي مشعان الجبوري، تغيير “الأعراف السياسية” في المناصب الثلاثة، مشيرًا إلى “ضرورة إبقاء رئاسة البرلمان للسنة”، لأنه “من الخطر التلاعب بالأعراف”.
ورأى الجبوري أن “عودة الحلبوسي رئيسًا للبرلمان أمامها فيتو أكبر من أن يرفض”، وذلك على الرغم من أن “الحلبوسي أراد استعادة مكانته السياسية بإرضاء الولائيين عبر مهاجمة البارتي”.
وأشار الجبوري إلى أنّ “مثنى السامرائي يدعم سالم العيساوي لرئاسة البرلمان”، مبينًا أن “الحلبوسي لا يدعم محمد تميم ويريد وجهًا غير معروف بتقدم لرئاسة البرلمان”.
وجدد الجبوري التأكيد على أن “الحلبوسي لن يصبح رئيسًا للبرلمان بقناعتي”.
“الإطار التنسيقي السني” سيرسل الرسائل
وجاء الإعلان عن التشكيل السياسي الجديد بعنوان “المجلس السياسي الوطني”، بعد اجتماع ضم الحلبوسي والسامرائي والخنجر، إلى جانب وزير الدفاع ثابت العباسي، لمناقشة “مختلف التطورات السياسية”، و”الوقوف على طبيعة التحديات التي تواجه البلاد بشكل عام ومحافظاتهم على وجه الخصوص”، وبحسب بيان إعلان التشكيل، أكّد المجتمعون “أهمية توحيد الجهود والعمل برؤية مشتركة للحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي وضمان الحقوق الدستورية وتعزيز التمثيل في مؤسسات الدولة”.
قيادي في عزم لـ”ألترا عراق”: منصب رئاسة البرلمان استحقاق مكون سني وليس حكرًا لشخص أو حزب
ويعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي، نبيل العزاوي، أن “خطوة توحد البيت السني بعد ما شابها من أحداث وصراعات وأزمات وغياب وحدة القرار، تعتبر لأول مرة تحدث بين القوى الفائزة”.
ويقول العزاوي لـ”ألترا عراق”، إن “تأسيس المجلس السياسي الوطني يعتبر خطوة تدل على تفاهمات يمكن أن تكون في المرحلة المقبلة وتسفر عن نوع من الخدمة التي يفتقرها المواطن السني في الكثير من المجالات”.
وتوقع العزاوي “حصول تقدم في الكثير من المخرجات حول رئاسة البرلمان والمناصب الوزارية بعبورهم أكثر من 70 مقعدًا”، مبينًا أن “اجتماع البيت السني أرسل رسائل للآخرين بضرورة حصول اجتماعات أخرى للمكون الكردي ليحسموا رئاسة الجمهورية أيضًا”.
وأشار إلى أن “البيت السني أعطى رسائل أيضًا بوجود نوع من الحكمة والعقلانية بالتعاطي مع الأحداث وحصول نهايات لكثير من الأمور التي كانت بدون مخرجات”.
ولفت إلى أنّ “اجتماع القوى السنية يعتبر هو الإطار التنسيقي السني على غرار وجود الإطار التنسيقي الشيعي، وهو يحتاج للكثير من التنضيج وإرسال رسائل أخرى للمواطنين في هذه الفترة”.









