التفاصيل

السِّيادة التي تقبلُ القِسمةَ في قامُوسِ [العِصابةِ الحاكِمةِ-الجزء الأول

نزار حيدر

١/ لا يختلفُ إِثنان على أَنَّ الإِنتخابات النيابيَّة المُرتقبة، مهما كانت تسميتها وتوقيتها، ستكونُ مِفصليَّة، إِذ ستقف البلاد على مُفترقِ طُرُقٍ، ببنَ أَن تستمرَّ التَّجربة الديمقراطيَّة والنِّظام السِّياسي الحالي وتتطوَّر، أَو أَن تنتكِسَ وينهار كلَّ شيءٍ.ا

   والصِّراع القادِم سيكونُ ببنَ إِرادتَين؛ إِرادة الشَّعب، ومعهُ المرجعيَّة الدينيَّة العُليا، ومحميَّة بانتفاضة تشرين الباسِلة، والتي تبذل كلَّ ما بوسعهِا لتجري الإِنتخابات بنزاهةٍ وشفافيَّةٍ وبأَجواء آمنة لا يتحكَّم فيها المال والسِّلاح والعُنف والإِكراه، وإِرادة الكُتل السياسيَّة التي تصطفّ اليَوم مع بعضِها وتتكتَّل في مواجهةِ الإِرادةِ الأُخرى، على الرُّغمِ من كُلِّ تناقضاتِها وصراعاتِها المُستدامة! والتي تفعل المُستحيل من أَجلِ تفصيلِ أَدوات العمليَّة الإِنتخابيَّة على مقاساتِها لتضمِنَ تدوير منهجيَّتها وزعاماتها وحجمها في العمليَّة السياسيَّة برُمَّتِها.ا

   فما اجتمعت هذهِ الكُتل على شيءٍ منذُ أَن سيطرت على السُّلطة عام ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن كاجتماعِها على هذا الثَّابت!.ا

   ٢/ العراقيُّون لم يعودُوا يثِقُونَ بالعمليَّة الإِنتخابيَّة أَبداً إِذا بقيَت تُهيمن عليها وتديرها [العِصابة الحاكِمة] بشكلٍ من الأَشكال، ولذلكَ يصرُّون اليَوم على أَن تجري الإِنتخابات المُرتقبة تحت رَقابة وإِشراف أُممي، وهو الأَمرُ الذي عضَّدتهُ بيانات المرجع الأَعلى عند استقبالهِ العام الماضي [١٣ أَيلول ٢٠٢٠] مبعوثة الأُمم المُتَّحدة السَّيِّدة بلاخارست.

   إِنتخابات من دونِ رقابة وإِشراف أُممي، وفي كُلِّ مراحِلِها، سوف لا تكون نزيهة وشفَّافة أَبداً، فتجاربنا السَّابقة مع الكُتل السياسيَّة الحاكِمة لا تُشجِّع على شيءٍ من هذا القَببل ولا تبني ثقةً أَبداً.ا

   مَن يرفُض الرَّقابة والإِشراف الدَّوليَّين يُبيِّتُ نوايا التَّزوير من الآن [وكما أَشارَ إِلى هذهِ الحقيقة يَومَ أَمس زعيم التيَّار الصَّدري في مُؤتمرهِ الصَّحفي في الحنَّانة والذي وافقَ فيه على الإِشراف الدَّولي].ا

   ٣/ لحدِّ الآن فإِنَّ الكُتل السياسيَّة التي تتحدَّث بصَوتٍ مُرتفعٍ ضدَّ فكرةِ الإِشراف الأَممي هي الكُتل التي طالما أَعلنت ولاءها لجارتِنا الشرقيَّة [الجمهوريَّة الإِسلاميَّة في إِيران] والتي يُطلق عليها وصف [وُكلاء طهران في بغداد] والقُصَّة بدأَت عندما تهجَّم وتطاولَ فأَساءَ الأَدب أَحد مُستشاري المُرشد الإِيراني الأَعلى على المرجع الأَعلى بُعيدَ إِدلاءِ سماحتهِ ببياناتهِ السياسيَّة للسَّيدة بلاخارست والتي طالبَ فيها برقابةٍ وإِشرافٍ أُمميٍّ على الإِنتخابات والتي كان من المفرُوض أَن تكون مُبكِّرة.ا

   ولقد عُدَّت تصريحات الموما إِليهِ بهذا الشَّأن تدخُّلاً سافراً في الشُّؤُون الداخليَّة للبلادِ، خاصَّةً وأَنَّ الذي كانَ قد عبَّرَ عنها المرجعُ الأَعلى الذي يُجمعُ العراقييِّن على أَنَّهُ المُعبِّر الحقيقي عن إِرادتهِم وعن المصالح العُليا للبِلادِ.ا

   وعلى الرَّغمِ مِن أَنَّ القيادة السياسيَّة الإِيرانيَّة اعتذرت وقتها على هذهِ الإِساءة والتَّطاول، إِلَّا أَنَّ الإِعتذار ظلَّ نظريّاً ومن فَوْقَ الطَّاولة أَمَّا عمليّاً فلقد ظلَّت طهران [الوِلاية] تُجيِّش وكلاءَها في بغداد لرفضِ فكرةِ الإِشرافِ الدَّولي على الإِنتخابات المُزمع إِجراءها في تشرين الأَوَّل [أُكتوبر] هذا العام، لأَسبابٍ عدَّة أَهمَّهايقينها بأَنَّ وُكلاءها في البلادِ سيخسرُون الكثير من سُلطتهِم ونفوذهِم إِذا ما جرت الإِنتخابات بنزاهةٍ وشفافيَّةٍ.ا

   طبعاً لا أَحد يتحدَّث بهذهِ الصِّيغة وعلى المكشُوفِ وإِنَّما يتذرَّعُون بالسِّيادة لإِرعاب الرَّأي العام من أَيَّة صيغةٍ للإِشرافِ الدَّولي.ا

   ٤/ المُلفت للنَّظر والذي يستدعي الوقُوف عندهُ مليّاً هو أَنَّ طهران ذاتَها قبِلت بالتَّنازل عن بعضِ سيادتِها لفِرَق التَّفتيش الدَّوليَّة على برنامجِها النَّووي، وهو أَحد أَخطر الملفَّات التي تعتبرهُ خطّاً أَحمراً في تعاملاتِها مع المُجتمع الدَّولي، ولكن مَع ذلكَ فإِنَّ وكلاءَها يتذرَّعون بالسِّيادة لرفضِ الإِشراف الأُممي.ا

   بمعنى آخر؛ فإِنَّ ما هو حلالٌ لكَ حرامٌ عليَّ!.ا

   هذا إِذا اعتبرنا أَنَّ الإِشراف الدَّولي على الإِنتخابات يمسُّ السِّيادة، وهو ليس كذلك بالأَدلَّة القانونيَّة التي سنسُوقها.ا

   ١٠ شباط ٢٠٢١

Facebook
Twitter