يقترب النظام السياسي في العراق من إجراء انتخابات برلمانية هي الأولى بغياب التيار الصدري (التيار الوطني الشيعي كما أطلق على نفسه مؤخرًا) في 11 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، مع تجديد زعيم التيار مقتدى الصدر رفضه المشاركة أو إعطاء صوت الناخبين لقائمة معينة.
مقاطعة الصدر تشعل انتخابات بغداد
كتل سياسية تحاور “ألترا عراق” مع قادتها ترى أن غياب التيار عن الانتخابات سيكون له تأثير في بعض المحافظات وخصوصًا في العاصمة بغداد، مع توقعات بخسارة الكتل الشيعية 5 مقاعد لصالح الكتل السني، الأمر الذي دعا رؤساء كتل سياسية رئيسة للترشيح في العاصمة لكسب الأصوات.
وتتصارع 5 تكتلات أساسية في العاصمة أبرزها ائتلاف نوري المالكي وائتلاف محمد السوداني وحزب محمد الحلبوسي.
ويعتقد مراقبون، أن “المشهد السياسي ساخن والانتخابات تدخل في منافسة حادة بين الأحزاب المشاركة وهذا واضح من حيث الدعاية وحجمها بغياب التيار الصدري الذي سيؤثر كثيرًا على النتائج”.
ائتلاف المالكي: نزول القيادات الشيعية في بغداد “لسد الفراغ” الصدري
القيادي في ائتلاف دولة القانون، عبد الرحمن الجزائري، أن غياب مشاركة التيار الصدري عن الانتخابات بشكل عام وفي بغداد تحديدًا أمر يضر المكون الشيعي وعدد مقاعده، لافتًا إلى أن نزول القيادات الشيعية للسباق الانتخابي في بغداد هو لسد هذا الفراغ وعدم خسارة المقاعد.
يرى ائتلاف نوري المالكي أن الصراع سيكون كبيرًا في بغداد
وقال الجزائري، في حديث لـ”ألترا عراق”، إن “الصراع الانتخابي في بغداد سيكون كبيرًا ويجب ملاحظة أن ابتعاد التيار الصدري ومقاطعته للانتخابات بمثابة الحلقة الناقصة في وقت دخلت أغلب الأحزاب بشكل منفرد،” مبينًا أن “الصراع في بغداد واضح الأقطاب ولا يمكن القول بإنه تنافسي لأن الجماهير معلومة مناطقيًا”.
وأضاف، أن “زعيم ائتلاف دولة القانون ضمن الزعامات التي رشحت في العاصمة بغداد وله تاريخ طويل في إدارة السلطة والجهاد، ولذلك فمن يتحدث عن تصدره المشهد فذلك حقيقة لأنه يسعى لحل المشاكل وإيجاد تمثيل حقيقي للمكون في مجلس النواب القادم”، مبينًا أن “المالكي هو المرشح رقم واحد في دولة القانون وله حظوظ كبيرة في اكتساح بغداد”.
وأوضح القيادي، أن “حزب تقدم ونزوله بقواعد وشخصيات جديدة في بغداد أمر طبيعي، حيث أنه قد تحصل بغياب التيار الصدري عن انتخابات المجالس على زيادة 8 مقاعد له في مجلس المحافظة على سبيل المثال”، مستدركًا بالقول: لكن نزول القيادات الشيعية في بغداد سيجعل الكفة تأخذ وضعها الطبيعي كما السابق”.
وتوقع الجزائري، “نسبة مشاركة كبيرة في العاصمة بغداد لأن الجماهير تعلم جيدًا أهمية هذه الانتخابات المفصلية التي ستحدد الكثير من ملامح مستقبل العراق خلال السنوات القادمة”، داعيًا إلى “ضرورة عدم الانجرار خلف الإشاعات والإرهاصات التي تؤثر على سير العملية الانتخابية”.
زميله، حيدر اللامي ، القيادي في ائتلاف دولة القانون، قال إن “التنافس الحاصل في بغداد طبيعي جدًا بوجود شخصيات بمشاركة زعيم ائتلاف دولة القانون رغم عزوفه عن الانتخابات السابقة، إضافة لمرشحين بارزين من الكتل السنية، ويرافقه غياب التيار الصدري عن المشهد الانتخابي”.
وأوضح في حديث لـ”ألترا عراق”، أن “غياب التيار الصدري سيؤثر على مقاعد المكون ولكن ليس بالتأثير الكبير الذي سيغير موازين القوى، لأن من سيشاركون بالتصويت سيكون لهم كلمة مؤثرة والمشاركة ستحظى بنسبة كبيرة”.
ولفت إلى أن “الكثير من الناخبين يشعرون بالندم لأنهم لم يحدثوا بياناتهم ونحن على اطلاع بذلك، ورغم هذا نتوقع مشاركة واسعة وأكبر من انتخابات مجالس المحافظات وحتى البرلمانية السابقة”.
ائتلاف السوداني: المكون الشيعي سيخسر 5 مقاعد
النائب مرتضى الساعدي، وهو رئيس تحالف دعم الدولة، وأيضًا قيادي في ائتلاف الإعمار والتنمية برئاسة محمد السوداني، تحدث عن ملامح الخارطة السياسية القادمة في بغداد، مرجحًا أن يخسر المكون الشيعي من مقاعده بسبب غياب التيار الصدري.
ائتلاف السوداني يعتقد أن المعادلة الانتخابية في بغداد ستتغير
وقال الساعدي، في حديث لـ”ألترا عراق”، إن “التيار الصدري بغيابه عن الانتخابات ومقاطعة العملية السياسية سيجعل المكون الشيعي يخسر العديد من مقاعده في بغداد والمحافظات أيضًا وهو ما تدركه الأحزاب الشيعية جيدًا، ولذلك كثفت من نزولها للسباق الانتخابي”، مشيرًا إلى أن “التلاعب بالأوزان الانتخابية وارد جدًا ولكن لا نتمنى ذلك للطموح بعملية انتخابية شفافة ونزيهة”.
وأشار إلى أن “الانتخابات ستجرى في موعدها وكل الأمور اللوجستية والمالية مثبتة لها وتمت تهيئة كل الأوضاع ولا شكوك في ذلك”، لافتًا إلى “عدم وجود أي كتلة سياسية تدعم تأجيل الانتخابات والكل بدأ حملاته الانتخابية وطرح برامجه للمرحلة القادمة”.
وأكد الساعدي، أن “المعادلة الانتخابية في بغداد متوقع لها أن تتغير بسبب مقاطعة التيار الصدري وهو جزء فاعل بقواعده الجماهيرية ضمن المكون الشيعي”، متوقعًا “خسارة المكون الشيعي ما لا يقل عن 5 مقاعد في العاصمة وفقًا للوضع الحالي”.
ائتلاف المندلاوي: مرحلة حرجة للأحزاب
علي الفريجي – المتحدث باسم تحالف الأساس، برئاسة محسن المندلاوي، نائب رئيس مجلس النواب، تحدث “بصراحة وواقعية”، قائلًا إن “التنافس الانتخابي في بغداد اليوم لا يقوم على مقياس عدالة متوازن. وما زالت أدوات النفوذ والمال السياسي تمارس تأثيرًا كبيرًا، وتُضعف فرص التنافس النزيه بين الكفاءة والسطوة”.
واستدرك بالقول: “لكن في المقابل، نحن نؤمن أن المرحلة القادمة ستكون الأكثر حرجًا للأحزاب التقليدية التي احتكرت المشهد لسنوات، لأن الشارع العراقي – خصوصًا في بغداد – لم يعد يستجيب للعناوين القديمة، بل يبحث عن صدقٍ وكفاءةٍ ونتائج”.
يرى ائتلاف محسن المندلاوي أن غياب التيار الصدري سيكشف قدرة القوى الجديدة
وأوضح أن “الناخب اليوم يعيش حالة تحفيز سلبي بسبب الفوضى التي خلقتها الأحزاب وتعدد الوجوه السياسية المتكررة، لكن هذا التشتت بحد ذاته سيفتح الباب أمام ولادة وعيٍ جديد، حيث سيتجه جزء كبير من الناخبين نحو الخيار المستقل الواعي أو المرشح الكفوء المهني القادر على تقديم مشروع واقعي”.
أما غياب التيار الصدري، بحسب الفريجي، “فهو بالتأكيد سيُحدث إعادة توزيعٍ في الخريطة السياسية لبغداد، لكنه لن يكون بالضرورة مكسبًا أو خسارة لطرفٍ واحد؛ بل سيكشف عن مدى قدرة القوى الجديدة على ملء الفراغ بخطابٍ عقلاني ومقنع ينسجم مع تطلعات الشارع”.
وأضاف: “في النهاية، الغلبة في بغداد لن تُحسم بالضجيج أو النفوذ، بل بمستوى الثقة التي يُلهمها المرشح في جمهورٍ أنهكته التجارب. ومن يمتلك الرؤية، والخبرة، والقدرة على التنفيذ الواقعي، سيكون هو الرقم الصعب في العاصمة”.
5 أحزاب تتصارع في بغداد
المحلل السياسي، علي فضل الله قال إن “المعركة الانتخابية القادمة يشوبها الكثير من التنافس والتسقيط والحدة والكثير من المتناقضات، كلها تهدف لأخذ حصة من 71 مقعدًا نيابيًا لمحافظة بغداد، تنقسم بين 69 مقعدًا + 2 مقاعد للكوتا في الدورة البرلمانية القادمة”.
وأوضح في حديث لـ”ألترا عراق”، أن “من الصعب التكهن بحصول أحد الأطراف السياسية على الغلبة في بغداد لأن التنافس من قبل القوائم الشيعية بين دولة القانون وائتلاف الإعمار والتنمية يقابله قائمة حزب (تقدم) وهي منافسة بقوة بهذه الانتخابات”.
ولفت فضل الله إلى أن “ائتلاف السوداني متوقع له حصد أكبر عدد من المقاعد الشيعية في بغداد من بين الأطراف داخل المكون”، لكن قال: “قد تحصل متغيرات لأن الجمهور متغير المزاج وقد تنقلب الأمور في أي وقت، لكن بالمجمل التنافس بين دولة القانون وائتلاف الإعمار والتنمية وحزب تقدم وعصائب أهل الحق وبدر”.
محلل: التنافس في بغداد بين كتل المالكي والسوداني والحلبوسي والخزعلي والعامري
وأكد أن “الانتخاب حق ومن يتنازل عنه عليه عدم المطالبة بإصلاح العملية السياسية لأن من يهرب أو يترك مكانه لن يستطيع تغيير شيء من الواقع عبر استبدال الفاسدين ووضع شخصيات جديدة مرشحة للمقاعد النيابية”.
ما سيؤخذ في بغداد سيعوض في محافظات سنية
أما مناف الموسوي، رئيس مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية، استبعد حدوث “خسارة حقيقية بغياب التيار الصدري عن الانتخابات لأن المناطق مقسمة بشكل مكوناتي وتبقى المشتركة في بغداد وهي الأكثر وربما يكون فيها خسارة للمكون الشيعي بعدد 4 أو 5 مقاعد ستذهب للمكون السني”.
وأوضح الموسوي في حديث لـ”ألترا عراق”، أنه “في الانتخابات السابقة 4 أو 5 مقاعد ذهبت لصالح حركة عطاء برئاسة فالح الفياض وبالتالي كان هناك أخذ مقاعد للمكون الشيعي من مناطق سنية في الموصل وغيرها”.
محلل: لا تغيير كبيرًا في الخارطة الانتخابية
وذكر أن “السنة إذا تقدموا على الشيعة بهذا العدد في بغداد فما سيأخذونه هو يعادل خسارتهم في مناطق أخرى لصالح الأحزاب الشيعية بمحافظات سنية وبالتالي لن يحصل تغيير كبير في الخارطة الانتخابية”.









