التفاصيل

عشرة سنوات على “العزم الصلب”.. ماذا ينتظر العراق عسكرياً مع واشنطن و”الناتو

طرحت صحيفة “ذا ناشيونال”، بمناسبة ذكرى مرور عشرة أعوام على تشكيل التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وإطلاق عملية “العزم الصلب” ضده، التحديات التي يثيرها هذا الانسحاب ومستقبل التعاون الأمني العراقي الأمريكي، وما إذا كانت مهمة حلف “الناتو” ستكون بديلاً موثوقاً.

وأشار التقرير الصادر بالإنكليزية، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن الذكرى العاشرة لعملية “العزم الصلب” تحلّ في ظل فترة انتقالية لإنهاء مهمتها في العام المقبل، مذكرّاً بأنها بدأت كعملية محدودة من جانب الولايات المتحدة لمواجهة صعود داعش في أنحاء شمال العراق في صيف العام 2014.

ولفت التقرير إلى أن “العزم الصلب” نادراً ما تجاوز عدد جنودها الخمسة آلاف أمريكي وأجنبي، وكانوا يقومون بمهمات تدريب خصوصاً للجيش العراقي الذي انهار جزئياً مع سقوط الموصل، إلا أن القوات الخاصة الفرنسية والبريطانية والأمريكية قاتلت في نهاية الأمر إلى جانب العراقيين في المعارك الكبرى.

وذكر التقرير أنه مع تقلص قوات التحالف الآن، فإن ذلك يترك سؤالاً حول ما سيلي ذلك، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تعتبر حالياً أكبر ممول ومسهل لوجستي للمهمة، مضيفاً أن هناك محادثات بين واشنطن وبغداد منذ نيسان/ أبريل الماضي، للاتفاق على ترتيب أمني ثنائي، من المتوقع أن يشمل رحيل القوات الأمريكية كافة، باستثناء وحدة ستتمركز في إقليم كوردستان، أو ربما يتم الاتفاق على بقاء عدد محدود من الجنود الأمريكيين ليقوموا بدور مقيد للغاية.

15 مليار دولار نفقات الحرب

وبعدما لفت التقرير إلى أن قوات التحالف نفذت 13 ألفاً و331 غارة جوية ضد تنظيم داعش، وبلغت ذروتها في معركة الموصل في العام 2017، أشار إلى أنه جرى إنفاق نحو 15 مليار دولار على الأسلحة والعمليات في إطار “العزم الصلب”، فيما شهد تنظيم داعش تراجعاً متزايداً منذ ذلك الحين، على الرغم من تصاعده مؤخراً في أجزاء من شرق سوريا.

واعتبر التقرير أن التكلفة المنخفضة نسبياً لعملية “العزم الصلب” مقارنة بحرب غزو العراق التي استمرت من العام 2003 إلى العام 2011 والتي بلغت قيمتها تريليون دولار، والعدد المحدود من الوفيات في صفوف قوات التحالف، هي من الأسباب التي جعلت وزير الدفاع البريطاني آنذاك السير مايكل فالون، يقول قبل أيام، إن العملية يمكن “وصفها بأنها ناجحة”.

وتابع التقرير أن تكلفة الجهود الأمريكية هذا العام لدعم القوات العراقية ستبلغ 242 مليون دولار، وهو لا يتضمن كلفة الضربات الجوية الأمريكية المحتملة ضد داعش والتي أصبحت نادرة، ولا كلفة تمركز الجنود على الأرض.

وأضاف أن هناك دلائل على أن النجاح سيتواصل، أقله من الناحية العسكرية.

ونقل التقرير عن الخبير بالشؤون العراقية جويل وينج، قوله إن داعش ينفذ بضع عشرات من الهجمات شهرياً، معظمها باستخدام الأسلحة الآلية، وينجح في بعض الأحيان يستخدم العبوات المزروعة على الطرق أو الهجمات في المناطق النائية.

وبعد إشارة التقرير إلى ما جرى في الصحراء بالقرب من الفلوجة في 29 آب/ أغسطس الماضي، عندما قتل 14 من مسلحي داعش، من بينهم العديد من القادة، في عملية عراقية أمريكية مشتركة أصيب فيها سبعة جنود أمريكيين والتي وصفها بأنها “عملية كبيرة ونادرة”، نقل التقرير عن وينج قوله إنها كانت على الأرجح “خطوة سياسية لأنه لم يكن هناك أي شيء كهذا منذ فترة طويلة”، وذلك بهدف إثبات فوائد بقاء بعض القوات الأمريكية بعد انتهاء عملية “العزم الصلب”.

انقسام الحكومة العراقية

كما لفت التقرير إلى الانقسام داخل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني حول الدور الأمريكي، وإلى أن الزخم السياسي الرئيسي يفضل انسحاب الأمريكيين، ذكرّ بأن الزخم لإخراج القوات الأمريكية تزايد منذ العام 2020 عندما اغتالت الولايات المتحدة اللواء الإيراني قاسم سليماني وقائد قوات الحشد الشعبي العراقية أبو مهدي المهندس.

وتعد مظلة الميليشيات الآن المنافس الرئيسي للولايات المتحدة. وتبادل الجانبان عدة جولات من الهجمات والضربات الجوية المضادة هذا العام، والتي اشتدت وسط حرب غزة.

وفي حين أشار التقرير إلى تراجع أعداد ضحايا الإرهاب، والبطء في إعادة إعمار المدن المدمرة، وخصوصاً في الموصل، نبه التقرير إلى أنه من المحتمل أن يؤدي الخلل السياسي والفساد وانعدام الأمن إلى عودة المشاكل القديمة في قوات الأمن العراقية، بحسب ما يحذر منه ديفيد ويتي، الذي عمل بشكل وثيق مع أجهزة مكافحة الإرهاب العراقية.

ونقل التقرير عن ويتي قوله إن “العراقيين والولايات المتحدة قالوا إنه بعد انتهاء مهمة التحالف الدولي، ستتحول المهمة الأمنية إلى علاقة ثنائية بين الولايات المتحدة والعراق، وأظن أن على الحكومة العراقية السير على خط دقيق بين مقدار الدعم الأمريكي الذي ستقبل به، مقابل الموازنة ضد ميليشيات المقاومة والإطار التنسيقي”.

وفي حين أشار التقرير إلى أن ويتي يعتبر من أبرز الخبراء الذين عملوا مع جهاز مكافحة الإرهاب العراقي في مرحلة صعود داعش والمعارك الكبرى التي خاضها، نقل التقرير عنه قوله إن “قدرة جهاز مكافحة الإرهاب ستتدهور بسرعة إذا لم يكن هناك وجود أمريكي مستمر، وهو قد تدهور بسرعة كبيرة في المرة الأولى التي غادرنا فيها، ولهذا، فأنه مع مرور الوقت، قد لا يكون للولايات المتحدة قوة شريكة في العراق، ما لم يتم التوصل إلى شيء فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية”.

وبحسب ويتي فأنه في حال كانت العملية المشتركة النادرة التي جرت في آب/ أغسطس الماضي بالقرب من الفلوجة، لأغراض سياسية، فإنه من المحتمل أنها لن تؤثر على هؤلاء الذين يريدون انسحاب الولايات المتحدة، موضحاً أن “الحكومة العراقية لا تسلط الضوء على هذا النوع من الغارات، فرسالتها هي أنها قادرة على مواجهة تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة، إلا أن واقع الأمر هو أن وزارة الدفاع وجهاز مكافحة الإرهاب يدركان أنهما بحاجة إلى مساعدة الولايات المتحدة، لكن نفوذ الميليشيات قوي”.

مهمة “الناتو” في العراق

واعتبر التقرير انه في حال انتهت عملية “العزم الصلب” قبل التوصل إلى ترتيب أمني ثنائي بين الولايات المتحدة والعراق، فإن حلف “الناتو” ستكون له مهمة استشارية صغيرة مستمرة، تسمى “مهمة الناتو في العراق”.

ونقل التقرير عن الجنرال الدنماركي جان كومين قوله “مهمة الناتو في العراق” تقديم المشورة لمسؤولي الدفاع والأمن العراقيين في وزارة الدفاع، ومكتب مستشار الأمن القومي، ومركز العمليات الوطني لرئيس الوزراء، وقيادة الشرطة الاتحادية في وزارة الداخلية، بالإضافة إلى أنها تدعم مؤسسات التعليم العسكري في العراق من خلال تطوير المناهج الدراسية وتطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس وبرامج تدريب المدربين.

وبحسب الجنرال الدنماركي فإن وزارتي الدفاع والداخلية في العراق اتفقتا مع بعثة “الناتو” العراقية، على 32 هدفاً طويل المدى من أجل تشكيل قوات مسلحة أكثر قوة وموثوقية، من بينها التخطيط الدفاعي، وإدارة الموارد البشرية، والدفاع السيبراني، والخدمات اللوجستية والتجانس، وإدارة الأزمات، وتدريب الضباط، وتمكين المرأة، والاستخبارات، والقانون الدولي، وحقوق الإنسان، وإدارة الموارد المالية.

ترجمة وكالة شفق نيوز

Facebook
Twitter