اعتقد أن هذا الكتاب مهم جدا من وجهة نظري ، خاصة لنا نحن كقومية عربية ، الذين لطالما جلدنا ذاتنا ، وجردنا انفسنا من كل أنواع الإيجابيات ، و وصمناها بالبداوة بمعناها التجريدي فقط ، نعم البداوة جزء من انتمائنا وثقافتنا الاثنية ، ولكننا كعرب في كل المنطقة العربية لم نعُد عرقاً نقياً خالصاً ، فانتقالنا من أرض الجزيرة العربية الى كل بقاع الشرق والغرب بعد دخول الاسلام ، وامتزاجنا بأقوام أخرى ساهم في تشكيل هوية ثقافية متقدمة لا تقل ، إن لم نقل هي الأعلى انتاجا على مر العصور من بين كل الاثنيات القريبة منا حتى فترات قريبة ، و لولا ضروف الصراع على السلطة نهاية الحكم العباسي ، وما تبعها من عصور ظلامية ، واحتلالات وقمع لكان الوضع غير الوضع.

أهم نقطة أثارت انتباهي في هذا الموضوع هو أننا (وأنا منكم) نردد كما الببغاوات أقاويل الآخرين ، من دون أن نكلف أنفسنا مشقة البحث والتنقيب عن المعلومة.
جملة نقاط ركز عليها الكاتب أهمها:
1. التحذير من السرديات التي تزعم عراقة بعض المجموعات دون أدلة تدوينية ، مثل نسب تاريخ قديم لمجموعات شفاهية.
2. التنوع والمواطنة: يدعو إلى الاعتراف بالتنوع مع الحفاظ على الهوية الوطنية الجامعة ، ورفض فكرة “النقاء العرقي” كأساس للهوية.
3. دور اللغة العربية: يؤكد أن العربية أصبحت لغة قومية بفضل تراثها التدويني، بينما بعض اللغات الأخرى بقيت في مرحلة الإثنية.
في النهاية يقدم الكاتب رؤية نقدية لمفاهيم العرق والإثنية والقومية، مؤكدا أن التدوين والتراث الثقافي هما الأساس في تحديد هوية المجموعات، وليس الادعاءات التاريخية أو العرقية. كما يرفض التقسيمات العنصرية ويدعو إلى هوية وطنية جامعة تحترم التنوع.
أخيراً ، ملاحظتي التي أسجلها على الكاتب هي عدم تسمية الأشياء باسمائها ، وانا سألته شخصياً ، لكنني لم أجد الجواب الشافي ، ولكنني أجد أن السبب وراء ذلك هو خشية الوقوع في صدام مع بعض الاشخاص من غير العرب التي تضخمت عندهم “الأنا”وبات من الصعب الدخول معهم في نقاش ، لأنه ببساطة شديدة وكما أسلفت بتنا نردد ما نسمعه دون أن نبحث او نتيقن من دقة سرديات البعض التي دخلت عليها من المزعومات غير المؤكدة ، فباتت كاساطير الأولين لا أكثر.
===============
نبذة عن الكاتب:
باسم فُرات شاعر وكاتب أدب رحلات ومهتم بالهُوية والتنوع الثقافي. مواليد 1967 في العراق.
شارك في عدد كبير من الأمسيات الشعرية في مناطق متنوعة من العالم. بدأ نشر قصائده في الصحف والدوريات العراقية، بدءًا بجريدة “العراق” عام 1987. توفي أبوه وهو صغير، في عام 1969، دفاعًا عن جارته، فانتقل إلى حضانة جدته، وعمل منذ صباه الباكر، خبازًا، ثم عمل في صناعة التحف النحاسية، ثم عمل بالتصوير الفوتوغرافي؛ وهي المهنة التي احترفها بعد ذلك. ترك مقاعد الدراسة عام 1988، فتم تجنيده بالخدمة العسكرية الإلزامية لمدة أربع سنوات. وفي الثالث والعشرين من شهر نيسان من عام 1993 غادر العراق إلى الأردن، ثم تقدَّم بطلب للجوء السياسي عام 1996، وانتقل إلى نيوزيلندا عام 1997، وأطال الإقامة فيها، وشارك في كثير من اللقاءات الثقافية والندوات الشعرية، ونشر قصائده في معظم مجلاتها الأدبية، وتمَّت استضافته في الإذاعة الوطنية النيوزِلندية مرات عدة. انتقل العام 2005 إلى هيروشيما. ثم انتقل عام 2008 إلى جمهورية لاوس، وانتقل عام 2011 إلى الإكوادور، ثم إلى الخرطوم في السودان العام 2014.
بشرى عبد الكريم عبد العزيز