التفاصيل

تصعيد ضد “صناع المحتوى الهابط”.. القضاء يطلق توجيهًا صارمًا إلى محاكم التحقيق

أصدر مجلس القضاء الأعلى، توجيهًا إلى المحاكم المختصة في العراق لـ “تشديد الإجراءات” بحق من وصفهم بـ “صناع المحتوى الهابط”.

وذكر بيان لمجلس القضاء اطلع عليه “الترا عراق”، أنّ التوجيه صدر إلى “محاكم التحقيق بالتنسيق مع الجهات المختصة، لمتابعة صُنّاع المحتوى الهابط، واتخاذ الإجراءات القانونية المشددة بحقهم”.

وأضاف بيان مجلس القضاء، أنّ الهدف من التوجيه هو “الحفاظ على الذوق العام”، مبينًا أنّ هذه الإجراءات “تأتي في ظل تزايد حالات نشر المحتوى الهابط عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.

وتواصل السلطات منذ كانون الثاني/يناير 2023، حملتها ضد ما يُطلق عليه “المحتوى الهابط” على منصات التواصل الاجتماعي، فيما تصاعدت مؤخرًا إثر تدخل شخصيات من بينهم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية مقداد ميري قال مطلع هذا العام، إنّ لجنة متابعة المحتوى الهابط “حققت إنجازات ملموسة في ضبط المحتوى السلبي على مواقع التواصل الاجتماعي”، مبينًا أنّ الوزارة “تتلقى البلاغات من المواطنين وترفعها إلى الجهات القضائية المختصة”، كما أكّد أنّ “غياب تشريع قانوني خاص بهذا الشأن لم يمنع اللجنة من أداء دورها بفعالية”.

وتستلم وزارة الداخلية هذه البلاغات عبر منصة أطلقتها تدعى “بلغ”، والتي سجلت بحسب البيانات الرسمية نحو 100 ألف بلاغ عن “المحتوى الهابط” خلال الفترة الأولى من إطلاق المنصة.

وفي شباط/فبراير 2025، أعلنت وزارة الداخلية استحداث “مديرية مكافحة الجرائم الإلكترونية المتخصصة في متابعة الجرائم المرتكبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي”. وأوضح ضابط من الوزارة أن هذه المديرية تختلف عن منصة “بلغ” كونها تتعامل مع “الجرائم الفعلية التي تستهدف الأفراد والمجتمع والمؤسسات” مثل الابتزاز واختراق الصفحات.

وتعتمد السلطات في محاكمة صانعي المحتوى الهابط على المادة 403 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، التي تنص على “يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين وبغرامة لا تقل عن مئتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع أو نشر محتوى مخل بالحياء أو الآداب العامة”. كما يتم الاستناد إلى قانون الجرائم الإلكترونية رقم 5 لسنة 2022، خاصة المادة 22 التي تجرم نشر معلومات كاذبة أو التشهير عبر الإنترنت.

وفي آخر التطورات، دخل “مصلح محمد العراقي”، المعروف بـ”وزير الصدر”، على خط مواجهة المحتوى الهابط، حيث عرّف المحتوى الهابط بأنه “يشمل كل ما يخالف العقل والنقل، ويتناقض مع الأعراف والأشراف، ويمس الشرع والورع، وينتهك الأخلاق والصدق”. وأضاف أن هذا المحتوى “يشمل أيضًا كل ما يخالف حب الأديان والأوطان، وكل ما يفتقر إلى المنفعة أو الطاعة، إضافة إلى كل ما يضر بالبلاد ويدعم الفساد”.

بالمقابل، تثير هذه الحملة تحفظات منظمات ونشطاء في مجال حقوق الإنسان، حيث اعتبرتها منظمة إنهاء الإفلات من العقاب في العراق محاولة “تكميم للأفواه” وحملة ممنهجة تقودها أحزاب السلطة لـ “تقييد حرية التعبير”، داعية إلى تحديد ما هو “محتوى هابط” وفقاً للقانون وليس “وفقاً لأهواء القضاة”.

فيما حذر نشطاء من أن الحملة قد تؤثر على الحريات الشخصية وضرورة عدم استخدام التهمة بشكل انتقائي، كما أشاروا إلى أن المشكلة تكمن في “خلل اجتماعي أوسع لا بد من تداركه على المستوى العام”.

تواجه الحملة عدة تحديات منها غياب تشريع قانوني واضح ومحدد للمحتوى الهابط، والاعتماد على قوانين قديمة صدرت في عهود سابقة، بالإضافة إلى الجدل المستمر حول التوازن بين حماية القيم المجتمعية وضمان حرية التعبير، فيما تؤكّد وزارة الداخلية بالمقابل أنّ “الحل الجذري يتطلب تشريع قانون ينظم هذه الأمور بشكل أكثر فعالية”.

Facebook
Twitter